بطلب من القيادة السعوديّة، تدرس إدارة الرئيس الأمريكيّ المنتهية ولايته دونالد ترامب، توفير الحصانة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان أو ما يعرف عربيّاً وحتى دوليّاً بـ "قاتل خاشقجي"، من الملاحقة في القضية التي رفعها ضده ضابط الاستخبارات السابق، سعد الجبري، والذي تقدم في وقت سابق بشكوى لدى محكمة أمريكية، اتهم فيها ابن سلمان بمحاولة اغتياله في كندا، التي لجأ إليها قبل ثلاث سنوات هرباً من بطش ولي العهد.
تنصل من المحاسبة
محاولات جديدة يقوم بها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للتنصل من المحاسبة عن اغتيال الصحافيّ جمال خاشقجي، قبل رحيل ترامب عن كرسيّ الرئاسة، حيث أوضحت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكيّة، نقلاً عن مصدر مطلع، أنّ الخارجية الأمريكية وجهت استفساراً لمحامي المسؤول الأمنيّ السعودي السابق سعد الجبري، طلبت منه تقييمات قانونية للموافقة على طلب السعودية منح الحصانة لولي العهد السعودي في ظل الدعوى القضائيّة التي أقامها الجبري ضده أمام المحكمة الأمريكية.
ويسعى محمد بن سلمان الى الهروب من المسؤولية المباشرة عن اغتيال خاشقجي، بعد فشل محاولاته في إغلاق ملف الجريمة عبر سلسة أحكام أصدرتها السعودية حول تلك القضيّة، ومن المتوقع أن يرد محامو الجبري على استفسار الخارجية الأمريكية بعد عيد رأس السنة وأن يطلبوا عدم إصدار التوصية بمنح الحصانة، ومن المقرر أن تصدر الخارجية الأمريكية توصيتها بعد التشاور مع الجهات الأخرى، وستقدمها لوزارة العدل التي سيكون طلبها ملزماً بالنسبة للمحكمة الفدراليّة.
وفي هذا الشأن، من الممكن أن تؤدي توصية الخارجيّة الأمريكيّة إلى شطب محمد بن سلمان من قائمة المدعى عليهم في قضايا أخرى تم رفعها ضده في أمريكا وخاصة قضية اغتيال خاشقجي إضافة إلى قضية قرصنة بيانات بهدف "تشويه سمعة" الإعلاميّة غادة عويس العاملة في قناة "الجزيرة" التابعة لنظام آل ثاني في قطر.
ووفق الصحيفة الأمريكيّة، فإنّ محامي الجبري وابن سلمان رفضا التعليق على الموضوع، لكن نجل المسؤول السعوديّ السابق، خالد الجبري أشار إلى أنّه في حال الموافقة على الطلب فإن أمريكا ستمنح لمحمد بن سلمان الحصانة للتصرفات التي نجح من خلالها باغتيال جمال خاشقجي وفشل في اغتيال والده.
وهنا تجدر الإشارة إلى أنّ الحصول على تلك الحصانة سيكون أصعب بكثير بعد وصول إدارة الرئيس الأمريكيّ الجديد جو بايدن إلى الحكم، حيث سبق وأن تعهد بإعادة النظر في العلاقات مع السعودية بعد اغتيال خاشقجي وإنهاء الدعم الأمريكيّ للعملية العسكريّة التي تقودها في اليمن.
ومن الجدير بالذكر، أنّ الصحفيّ السعوديّ، جمال خاشقجي، المقيم في أمريكا منذ عام 2017 والمعروف بانتقاداته للسلطات السعودية، قد اغتيل في ال 2 من تشرين الأول عام 2018، داخل قنصليّة بلاده في اسطنبول التركيّة على يد فريق اغتيال سعوديّ خاص، فيما لم يتم حتى الآن العثور على جثته.
حلم رعب
كلنا نعلم أنّ جريمة تقطيع الصحافيّ السعوديّ المعروف، جمال خاشقجي، تمثل "حلم الرعب" الذي يتكرر كل ليلة بالنسبة لولي العهد السعودي، لهذا يسعى بكل ما أوتيّ من قوة للحصول على "حصانة ترامب" بعد المعلومات التي كشفها الجبري المُهدد بحياته بسبب امتلاكه "معلومات دامغة" تضر ابن سلمان، حيث بيّنت المعلومات أنّ الأخير أشرف على فريق من المرتزقة يحمل اسم "فرقة النمر"، وعناصره متورطون في قتل الصحفي المعارض داخل قنصلية بلاده في إسطنبول عام 2018، وكانت تخطط قبل أسبوعين من مقتل خاشقجي، بالسفر إلى كندا بهدف تصفيته، لكنّ عناصر حرس الحدود الكندية "سرعان ما اشتبهوا بهم" ورفضوا دخولهم بعد استجوابهم، وفق المسؤول السعوديّ البارز.
ولسنوات عديدة، كان الجبري اليد اليمنى للأمير محمد بن نايف، الذي كان له الفضل على نطاق واسع في هزيمة تمرّد تنظيم القاعدة في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وكان العمود الفقريّ في كل علاقات السعودية مع وكالات "العيون الخمس" للاستخبارات، التي تضمّ أمريكا وبريطانيا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا.
و عبثاً تحاول السعودية ممثلة بولي العهد السعودي التنصل من جريمة تقطيع الصحافيّ السعوديّ المعروف، جمال خاشقجي، الذي كان مقيماً في أمريكا ويكتب في صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكيّة نفسها، وكانت خطيبة خاشقجي، المواطنة التركيّة خديجة جنكيز، قد رفعت دعوى قضائيّة بشأن جريمة مقتله، في إحدى محاكم العاصمة الأمريكيّة واشنطن، وتتهم جنكيز، محمد بن سلمان، بإصدار أمر قتل خاشقجي، وهي التهمة التي وجِّهت للسعوديّة من جهات حقوقيّة ودوليّة عدة، فيما تنفيها الرياض رسمياً.
في الختام، من الصعب أن ينجح دونالد ترامب حليف السعوديّة الأبرز في تقديم الحصانة للمتهم الأول في جريمة تقطيع خاشقجي محمد بن سلمان وفق وصف المنظمات الحقوقيّة الدوليّة، في الوقت الذي أصبح ترامب المهووس بالمال والنفط السعوديّ شريكاً بكل ما تعنيه كلمة شريك في جرائم الرياض في سوريا الجريحة واليمن المكلوم ولبنان الحزين والعراق المنهك، وغيرها من الدول التي تشارك في الجريمة نفسها بأدوار ومصالح مختلفة.
المصدر: الوقت
URL تعقيب: https://www.ansarpress.com/arabic/21476
الكلمات: